نشر بتاريخ 04 يناير 2018 11:52:27
فن الكلمة
في الثالث و عشرين من شهر يونيه من عام سبعين تسع مائة و الف ، عرف حي تيزوا نوقاس بالبلدة توروك ميلاد رضع كثيرين ، تمكن واحد منهم ، و بشكل أخص ، في السنون الأخيرة من النبوغ و اعتلاء سماء الكلمة الوازنة مع النظرة الثاقبة لهموم و مشاغل الحياة بتوروك خاصة ، و كل ما له مساس إيجابا أو سلبا بالانسان الامازيغي ، سواء في لغته او هويته او ارضه او موروثه أو ثقافته ككل ، على اعتبار ان هذه الاخيرة تلم كل ما سبق و يزيد .
لتنطبق بذلك مقولة ان القرية هي منجم كل الطاقات و مخرج المبدعين عبر الزمن ، رغم تعرضهم لعديد مشاكل و عراقيل جمة مادية و معنوية ... ، طبعا دون ان نبخس مبدعي الحواضر حقهم ، لكننا نقصد ان اغلب العباقرة عبر التاريخ في الاجتماع ، الرياضة ، العلوم ، الاداب ... هم بدو - من البادية - .
كذلك الشأن بالنسبة للشاعر #محمد_الزيادي ، فهو من تلك المنطقة النائية في المغرب المنسي ، لكنه لم يستسلم لكل العراقيل الادمية التي تكسر من الهمم ، او الطبيعية التي قلنا بانها يمكن ان تشكل حجرة عثرة في بلوغ هدفه الذي ارتضاه لنفسه و سطره على ان يبلغه بخطى ثابتة .
درس محمد الزيادي ككل غالبية اطفال توروك بالبلدة ، فالتحق بالمدرسة الابتدائية بها ثم و لغياب المرحلة الاعدادية هناك تحتم عليه اللحاق باعدادية الحسن الثاني بتنجداد بعدها و للغرض ذاته ، اكمل دراسته بمدينة كولميمة حائزا منها على شهادة البكالوريا عام 1992من ثانوية محمد الخامس ، ثم طالبا بجامعة محمد الخامس بالرباط كلية العلوم ، و قد كان في تلك الفترة يقدم عروضا شعرية للطلبة في سنة 1996 بالسويسي .
و ما فتئ ان اشتغل في عدة شركات ، الى ان التحق في الاخير بأسلاك الوظيفة العمومية بفاس . لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة مشواره المعرفي ، فقد تمكن من العودة الى صفوف الدراسة و التحصيل العلمي الاكاديمي ، بالرغم من مسؤولياته المهنية و الاسرية العظام الملقاة على عاتقه فهو اب لطفلين حفظهما له الله و كل ابناء المسلمين .
صور الزيادي في احد البرامج التليفيزيونية بقناة تامازيغت ببرنامج " كاتب و كتاب " ، و له مشاركات في عديد لقاءات جهوية و وطنية في جميع مناطق المغرب الناطق بالامازيغية من الناضور الى ، اكادير ؛ الخميسات ؛ الدارالبيضاء ؛ خنيفرة ؛ وارززات... و قد تحدث ( مثال من احد لقاءاته ) في لقاءا شعري مع إذاعة هذه الاخيرة : ( اي راديو اذاعة صوت وارززات ) السنة الفارطة . عن تجربته الشعرية الأمازيغية حيث قام ، بسرد قليل عن إرهاصاته الأولى مع الشعر ، بقصيدته : ' نك كي كوني Nk ky konni' ، و عرج بصوته الشجي و إلقائه المغري بالمتابعة على بعض قصائده الأخرى من قبيل : ' تودا Touda ' ، و ' تابرات Tabrat ' ...
كل تلك الندوات و اللقاءات التثقيفية التعليمية مكنته من احتلال مكانة بارزة في مضمار الكتابات الشعرية بلغته الام ، توجته لان ينال شرف ارفع جائزة تمنح من لذن الدولة في هذا الخصوص . و إن دل فوزه بالجائزة الأولى صنف الشعر على شئ ، فإنما يدل على الكد في التحصيل و المثابرة فيه . و إذ بفوزه بهذه الجائزة التي هو أهل لها ، أقول أن شهادتنا في حقه مجروحة بكل المقاييس .
لكنها بالتأكيد إن صدرت من أحد أساتذة التخصص في الشان الامازيغي ، فانها ابلغ ، و الأمر هنا يتعلق بالأستاذ الأمازيغي المنحدر من الريف ، السيد : #الحسين #بوديلاب ، استاذ زائر في كلية الاداب بفاس و في عدة كليات اخرى ، بالإضافة الى كونه إطارا في المعهد الملكي للثقافة الامازيغية (I.R.C.A.M) ، و الذي شرفنا شخصيا بالتعرف عليه عن كثب في تلك الأمسية التي كان بطلها شاعرنا الكبير ، إذ قال بالحرف :
" لقد تمكن الشاعر الزيادي من اعتلاء قمت هرم المنافسين بل و قطع اشواطا متقدمة في سماء نظرائه من الشعراء ، اهلته ايضا لأن يتبوأ المرتبة الأولى عن جدارة ، حتى أن اللجنة التي استقر رأيها في احقية شاعرنا للجائزة لم تجد له منافسا أو وصيفا " انتهى كلام الاستاذ الحسين بوديلاب .
حري بالذكر ان هذا المتألق حصل قبل ذلك على الجائزة الاولى في مسابقات الشعر لسنة 2014 في قلعة مكونة التي شارك فيها كل شعراء حهات المغرب . و هذه المسابقة من تنظيم جمعية *إيزوران* .
تستمر و تتوالى نجاحاته تباعا ، كان اخرها حضوره في فعاليات المعرض الدولي للكتاب الذي نظم في الدار البيضاء الشهر الماضي . تحدث من خلالها عبر ورشات فكرية عن تجربته الشعرية الامازيغي بشكل خاص ، و منطقة الجنوب الشرقي ( اسامر ) .
هكذا يكون التألق الادبي و هكذا يكون رفع الراية و الصورة التوروكية عاليا ، على صعيد القاعدة و القمة على حد سواء ، هذا أولا .
و ثانيا رفع الثقافة الأمازيغية ، -أكاديميا و شعبيا - بدليل أن قلمه و كلمته المقدمة في قالب ادبي محترم يرقى إلى مستوى الابداع الفكري المقبول من لذن الخاصة و الخاصة . قد وصلت الى الجهات الرسمية حتى استحق ان يكون صاحب الجائزة . بالإضافة إلى أن كتابه بلغ صداه القاصي قبل الداني ، و هذا البلوغ ايجابي بحيث ليس بكثرة زبد البحر الذي بلغه العديد من الكتب في الاسواق .
فشكرا و مزيدا من التألق ايها الشاعر . فكم انت كبير قيمة و قامة . و هكذا نود من الكثيرين بأن يسيرو للأمام بثقافتنا ، بموروثنا ، بتقاليدنا ... هذا من ضفة .
و من ضفة اخرى ، نقول انه قد تكون جل هذه المعلومات في علم العيان ، لكن بالتأكيد كثيرون هم من لا يعرفون جوانب اخرى من شخصيتنا لعدد اليوم ، فهو قصاص ( كاتب قصص ) اذ يملك قصصا صغيرة منشورة سنة 1996 في مجلة تيفاوين العدد 4 ، زد انه نشرت له عدة قصائد شعرية في الجريدة الورقية سنة 1994 ، و جريدة *البيان* الفرنسية حيت كانت تخصص صفحتين للامازيغية انداك . كما لا يفوتنا التذكير انه في نفس السنة كانت له مساهمات في حريدة *تسافوت* التي تعنى باللغة الامازيغية التي تصدرها جمعية *تاماينوت* ، و التي كان عضوا في فرعها بالرباط .
و بمناسبة ذكر الجمعيات ، لا ينبغي ان نغفل جمعية *تامونت* في بلدته
الام التي كان كاتبها في حين ان نائب الرئيس هو نور الدين السوهير بينما الأمين هو السيد الزرهوني احمد .
بحكم توفر هذا الاستاذ على اتقان جيد و امتيازه بحسن الصوت فقد تجلى هذا ببروز منذ ان كان مقدما لانشطة الامسيات الثقافية التي كانت تقام في القرية ، و اعتقد ان أولاها كانت في موسم 1992-1993 . و كما اسلفنا قيامه باطلالات شعرية في الجامعة .
إن المجموعات الغنائية التي بالجنوب الشرقي لا يستقيم هدفها دون كلمات موزونة و اشعار في المستوى و التي يعتبر كاتب تلك الكلمات هو المحور الاساس في المنظومة الفنية كلها . لهذا فالشاعر تغنت بعض قصائده من لذن مجموعات غنائية محلية من مثل مجموعة :
- اراو ن تيللي بقصيدته : *نريد ان نكون* ؛ نرا اد نيلي.
- إيمناين بقصيدته : *انا انت انتم* ؛ نك كي كوني.
- أزا باند بقصيدته : *المصائب ؛ إيخيتان.
و قد انتهى الى مداركنا عبر مصادر خاصة ان مجموعات اخرى في طور تلحين بعض كتاباته و منها مجموعة : تامازيغت فويس .
و نختم مقالنا هذا على الطريقة المتميزة لشاعرنا ، حيث يقول : تودرت_إتمازيغت_تامازيغت_إتودرت.
ابراهيم الزرهوني
تعليقات (0)
أضف تعليقـك