ببركة اية الكرسي

نشر بتاريخ 16 يونيو 2017 11:11:01

تحكي سيدة من السيدات التوروكيات الفضليات انها رأتها في حلم في ثلاث مناسبات و في نفس الحلم . و تسرد عنها قائلة : "رأيتها تناديني يا فلانة (باسمها طبعا بحكم صداقتهما العميقة بالرغم من فارق السن بينهن حيث شخصيتنا لهذا العدد ' ضمن شخصيات توروكية ' اقل سنا من التي رأتها في الحلم) إن شيئا اشبه بشوكة يوخزني من ضهري لا استطيع ان اتلمسه او اصل اليه ، فهلا ساعدتني يا أماه في نزع ذاك الشئ من على ضهري ؟؟؟ " . فزعت السيدة من نومها ثم استغربت الامر ، كيف لسيدة ان تأتيها في نفس الحلم ثلاث مرات !!! تقول الاخيرة .

بعد سويعات من انبلاج الخيوط الاولى من الصباح هرعت صاحبة الحلم بمعية سيدات اخريات الى امنا عتي ماما عسو لتجدنها مستبشرة بقدومهن اليها قائلة عند رؤيتها للزائرات :" الله !!! قد بعثكن الله لي في الوقت المناسب ، فقد قض مضجعي شيئ و هو في ضهري . في الحين تحسسنه و كان عبارة عن رأس تمرة اي ذلك الغطاء الاصفر من التمرة ( تاقفيفت ن تيينت ) الذي لم يدع عيونها الغائرتين و الصغيرتين يغمض لها جفن منذ ليلة امس ، عندها تنفست الصعداء .

المسكينة و لانها لا تقدر حتى على قضاء حاجتها او القيام باي تحرك يمنة او يسرة لانها معاقة و دوما ما تلفها جالسة مطأطأة الرأس نحو الأمام قليلا ، بجسمها النحيف الذي كله التعب . لكن مع ذلك لم تمنعها وضعيتها البدنية من ان تتحرر دهنيا . فكانت تتمتع رحمة الله عليها بالمثابرة بما يسره الله لها . في سبيل ايصال و لو الشئ القليل من ما تحمله في صدرها من معرفة و علم خاصة منه القرأن الكريم ، مصداقا لقول المصطفى :"بلغوا عني و لو اية " صل الله عليه و سلم .

كانت رحمة الله عليها و على اموات توروك و كل المسلمين ، تلقن الشباب و الشابات بل حتى الكبار سنا ما استطاعت من ايات الله من الذكر الحكيم في بيتها المتواضع ككل البيوت التوروكية . و تحفظ لهم ما تيسر منه ، بصوتها الحنون و بيسر في التلقين و ايصاله رغم بساطة عيشها و فقرها ، إلا أن غناها المعنوي و معنوياتها المرتفعة بالقرأن و مع القرأن و للقرأن لم يمنعها من القيام بهذا العمل البار الذي كله اجر و تواب من عند الله .

كان اكثر ما تسعى في تحفيظه من القرأن و بالحاح ، قوله تعالى ، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم باسم الله الرحمان الرحيم : " اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ " . و ما اروعها من اية جليلة و ذات معان جمة .

شخصيا تتلمذت على يدها كباقي التلاميذ بعضا من المصحف المبارك و لا زال زنين صوتها لحد الساعة يرن في اذناي ، بالرغم من ان حصصي عندها كانت لا تتجاوز الكثير .

بل و لتشجع على الذكر و على ان يكون لك ورد يومي حتى لو بقرائة ايات بينات ، كانت رحمة الرب عليها تمنح بعض الحلوى من نوع ( جباح ) كذلك ( تامصرفين و هي اقراص او فانيد ) للذين يأتون في الحصة الموالية و هم يحملون تلك الايات في الصدور قبل السطور .
يعتبر الكثيير ثم الكثير من التوروكيين ممن نهلوا من ذاك المنبع الرباني علما ، اخلاقا ، حسن ادب ، عذوبة التواصل ... الخ ، تلامذة لها و لا ينكرون فضلها في ترسيخ قيم عديدة فيهم و اول ذاك الفضل الجم : أية الكرسي ...

كان زادها مجرد رطب تضعهن بجنبها ، و كما قلنا حلويات و هذه الاخيرة على سبيل منحها كما قلنا للحفظة رفعا للهمم و تنويها بمعنوياتهم ايضا .

لطالما ذكر اسمهما في توروك خاصة من لذن سكان زقاق ( ايقديمن ) أي ما نطلق عليه في توروك اسم " لعلو ن إيقديمن " في ذاك المنزل العتيق ذو الطابقين حيث كان تجلس في ( أسقيمو ) و هو الجانب العلوي من المنزل ، إذ تنحدر منه و لازمته الى ان تركتنا الى دار البقاء .

و ما لمثل هؤلاء من حق علينا افضل و اعظم من الدعاء لهم . فيا رب و نحن في شهرك الكريم هذا نسألك ان تغفر و ترحم امواتنا و اموات سائر المسلمين .
 
ابراهيم الزرهوني

 

تعليقات (0)

أضف تعليقـك

Reload Image
أدخل الرمز*: